الرئيسية » كان على ربك وعدا مسئولا

بسم الله الرحمن الرحيم

سبحان الله العظيم الرحيم بعبادة و من يتجرا على سؤالة عز شأنة

الرابط

اوقفتني الاية 16 من سورة الفرقان (لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ ۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا )

قد يبحث الانسان في القران الكريم عن اعجاز علمي او رقمي صريح ليكون دليل و إثبات ان القران هو كلام الله عز شأنة.  وليست هذه الطريقة غاية  القران لأن المغزى ليس بهذا الاسلوب والدليل قوله تعــــالى  {إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ} بمعنى ان الله تعالى ليس بحاجة الى ان ينزل معجزة علمية ليفهما العلماء او آية واضحة ليؤمن كل من على الارض ايمان قهري بها وعندها لن يكون هنالك اختبار او ابتلاء لإيمان الانسان. وانما يخاطب الانسان بالفطرة التي خلق عليها العقل و التفكير وذلك بالمنطق لمعرفه صفات الخالق مهما اختلف المستوى العلمي المكتسب للفرد! وعلى سبيل المثال قوله تعالى: (إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب).

لب العقل هو التفكير و المنطق ! دعا الخالق الناس ليتسائلوا من خلق السماوات و الارض بعظمتها ؟ ولماذا خلقها؟ وكيف خلقت؟  وغيرها من التسؤلات المنطقية التي تدل على وجود خالق عظيم له صفات اعظم من المخلوقات التي نراها , وعلى مر السنين من ابينا آدم الى اليوم لم تسمع البشرية بشخص او دولة او كائن من كان يدعي انه هو من خلق إلا الخالق عز وجل وصدق اذا قال وَأَكثَرُهُم لاَ يَعقِلُونَ .
بما انه لم يدعي احد آخر فلماذا تجد ملحدين او تجد نقص في ايمان آخرين  ؟ لأن المنطق و  القانون الذي هو من عند البشر  يقول اذا إدعاء شخص انه قام بفعل ما وقدم دليل ولم يظهر شخص يدعي غير ذلك مقدماً دليل.  ينسب الفعل الى الشخص المدعي ! ولله عز شأنة المثل الاعلى والدليل قوله تعالى {هذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } بالفعل ظالمين بجميع القوانين البشرية و السماوية وفي ضلال واضح  ومبين يتوافر به جميع النقاط من  المدعي و الدليل يقدمة عز شأنة العظيم الحليم بالناس وفي المقابل ترى في البشرية اناس ملحدين رغم عدم وجود ادعاء آخر او دليل مقدم فقط انكار وبدون ايه معطيات وكأنهم خصم لا يهمة من القضية الى العناد وصدق في وصفهم عز شأنة حين قال وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا. لدا اي الخصم الذي ينازعك على قضية بدون ان يقدم اي دليل او معطيات فقط يعناد وينكر الادلة المقدمة له بدون هدف او غاية من ذلك.

وبعد هذه المقدمة نعود و نتفكر في جميع آيات القران الكريم وما لفت انتباهي قوله تعالى (لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ ۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا ) ما استوقفني في هذه الاية هو عدل الله بالاضافة الى اجابة العديد من الاسئلة حول نعيم اهل الجنة  , بالنسبة للعدل كلمة مسئولا قد تتعجب من المواقع  التي ذكرت بها هذه الكلمة في القران الكريم ! من عدل الله انه ذكر كلمة مسئولا في عدة مواضع مهمة تبين العدل فقد اخبر عز شأنة ان الانسان مسئول ومحاسب من الله يوم الحساب اذا قصر في الاوامر او لم يجتنب النواهي قال تعالى {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا } مسئولا هنا تعني ان الله عز شأنة سيحاسب الانسان اذا قصر في العهد الذي بين الانسان وخالقه والدليل من القران هو الموقع الثالث التي ذكرت به كلمة مسئولا {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا}. نستنتج من الثلاث آيات السابقة التي ذكرت بها كلمة مسئولا ان هنالك عهد بين الله عز شأنة و بين الانسان وبنود هذا العهد واضحه للطرف الاول وهو الانسان ويكون مسئول عن السمع و البصر و الفؤاد , قد يتسائل العقل البشري هذا السؤال ذكر العهد الذي بين الانسان و خالقه وذكر البند الذي يكون الطرف الاول وهو الانسان ملتزم به. الى هنا هل يكون العهد عادل بمجرد التزام طرف واحد فقط !  قف تأمل عدل الخالق الجبار عز شأنة حين اكمل المعادلة في هذا العهد بقولة { كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا } بمعنى بما ان الانسان مسئول ومحاسب في الدنيا فمن حقة سئوال العظيم عن الجزاء! تأمل اخي الكريم رغم انه خلق اصلاً للعبادة وهو مقصر بها. اي عدلاً هذا و تكريم للإنسان يحجز اللسان عن وصفه لو عرفت ما مدى الفارق بين الانسان الضعيف الذي لا يمثل شيء في عظم الكون وعظم خلق الله لعلمت انه عادل رحيم بالناس فمثلا الملائكة خلقهم الله يعبدونه ليل نهار و لايعصون له امر ويفعلون ما يأمرون منذ ان خلقهم الله الى ابد الآبدين. السؤال هنا هل يستطيعون طلب جزاء من الله على ذلك! بالتأكيد لا لأنهم خلقو لذلك اذاً لماذا الانسان المقصر من حقة ان يرتاح وينعم ويطالب بالجزاء رغم انه اصلاً خلق للعبادة ؟ الجواب بإختصار الانسان المخلوق الوحيد الذي يعبد ويتعب في الدنيا فقط ويطالب بجزاء وراحة في حياة خالدة لسبب واحد فقط قبولة الآمانة والدليل قولة تعالى ( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ) بمعنى لقد عرضت الآمانة على اهل السماوات و الارض والذي وافق عليها الانسان فقط! تم تفصيل الامانة في موضوع سابق.

نعود ونكمل مسيرة العدل في كلمة مسئولا وقد توصلنا الا انه تم ذكرها للعدل وفي الحقيقة ليس العدل فقط هل تريد معرفة ما هو اكبر من العدل في هذا العهد. وهو الفارق بين بنود العهد الذي وردت في الايات السابقة والفارق كبير بين اوامر الله للإنسان وهي محددة (البصر , السمع , الفؤاد) لاتتطلب سوى الصبر ( في حياة قصيرة) وبين طلبات الانسان التي لم تحدد (لهم فيها مايشاءون) مهما كانت الطلبات في (حياة خالدة) سبحان الله لايقول هذا الكلام إلا خالق كريم. ولو اكملت القرائة ستجد ماهو اكثر من العدل! صفة قد لاتوجد في عالمنا البشري لكي نسميها ولا تليق إلا بالخالق ما هي واين وردت؟

في قولة تعالى { لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ } ليس فقط سيوفي الله بوعدة الزائد لنا بل سوف سيزيد عن ما طلبة الانسان كيف ؟ الانسان كما ذكرنا سابقاً مخلوق بسيط امام عظم خلق الله لو تفكر قليلاً في الكون و المجرات ورأيت نفسك ستعلم ان الانسان لا شيء وماذا يمكن ان يطلب الا شيء ! سئوضح المسألة بمثال بسيط وهو إسال طفل هذا السؤال اطلب ما تريد مهما كان وسؤحققة لك ؟ بعد ان يفكر الطفل حسب مجال ادراكه قد يكون اكبر طلب له عبارة عن لعبة وانت في داخلك قد تضحك وتستخف من طلبه البسيط مع ان الفارق بينك وبينه العمر وهو شيء بسيط , ولله المثل الاعلى لو سألك يوم ان يوفي الوعد ماذا تريد وطلبت اكبر شيء وكل شيء في مجال ادراكك البشري سيكون بسيط جدا امام الله وبنفس قصة الطفل ولكن سيزيد من عندة ما لاتتصور بعقلك و لا يخطر ببالك من نعيم لم تسمع به ولم يصل اصلاً مجال الادراك لديك ان تسال مثل هذا النعيم , ولذلك رب العباد قال في كتاية { فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } هذا هو وصف الجنة بمعنى انها لا توصف وقد وصف القران الكريم بعض النعيم الذي يمكن تقريبه ليدركه ويفهمه عقل الانسان البسيط فقط مثل القصور و الحور العين والانهار والطعام اما ما تبقى وهو كل شيء لم يوصف والسبب لن يفهمه الانسان بمجال تفكيره و ادراكه البسيط ابداً. وصدق عز شأنة حينما قال {وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} بمعنى لو وصلت الى مرحلة قدّرت فيها مامدى عظم الله عندها قد تصل الى درجة يمكن من خلالها ادراك عظم الجزاء و النعيم في الجنة هذا الجزاء الذي سماه الله الجبار فوز واجر عظيم فماذا تتوقع ان يكون عندما يقول لك الخالق العظيم انه جزاء عظيم, هل تتوقع ان الانسان يمكن ان يدركه ! لتبسيط المسألة ملايين المرات كلمة عظيم لم يذكرها الله في شيء منسوب اليه في الدنيا إلا في مكان واحد قوله {فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} لو افنيت حياتك في دراسة الكون و المجرات ومعرفه عظم خلقها قد تصل الى مرحلة تدرك فيها الشيء الذي يذكر الله به كلمه عظيم . هذا في الدنيا اما في الاخر ه فيلزمك ضرب هذا الادراك في ملايين المرات لتصل الى ادراك الشيء الذي يسميه الله عظيم في الاخرة وقد ذكرت كلمة عظيم في الاخرة كثيرا في صفات الله ووصف العرش اما اغلبها فقد ذكر في الجزاء ومثال قوله تعالى {لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ}.

وفي الختام هل لاحظت الصفات الإلهية السابقه للعهد الذي بين الانسان و خالقه وهي العدل ثم اكثر من العدل ثم الزيادة على ذلك. لم يقتصر القران على هذه الصفات لنتعرف بها على صفات الله عز شأنة بل ذهب الى ابعد من ذلك بكثير قالى تعالى  {لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} بمعنى هل رأيت الفارق السابق في العهد بين الله و الانسان ومع ذلك فإن الله لن يمن على الانسان هذه الزيادة في العهد لأن من صفات الانسان النقص ومن صفات الله الكمال بمعنى آخر هذا العهد وضع البنود للطرف الاول وهو الانسان على حسب حجمة وصفاتة ووضعها الله له كما يليق بصفاتة و لعظيم شأنة.

اسأل الله العظيم ان يجعلني وياكم من اهل الجنة ندخلها ليس بالحساب و المسائلة عن العهد الذين بين الانسان و خالقه بل برحمتة عز شأنة لاننا لو طبقنا المعالدة السابقة المستفادة من هذا الموضوع فلن يتجراء احد على سؤال الله عن الوعد يوم الحساب والمحاسبة لأن التقصير سيكون منا وليس من الرحيم الذي سيوفي ما وعد ومزيد..

هذا والله اعلم.

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *